الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: فتاوى الرملي
(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ جَمْعِ الْجَوَامِعِ وَمَدْلُولُ اللَّفْظِ إمَّا مَعْنًى جُزْئِيٌّ إلَى قَوْلِهِ أَوْ لَفْظٌ مُفْرَدٌ يُسْتَعْمَلُ كَالْكَلِمَةِ فَهِيَ قَوْلٌ مُفْرَدٌ ثُمَّ قَالَ الشَّارِحُ الْمَحَلِّيُّ يَعْنِي كَمَدْلُولِ الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى مَاصَدَقِهَا فَمَاذَا تَفْهَمُونَ فِي هَاتَيْنِ الْغَايَتَيْنِ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الشَّارِحَ إنَّمَا قَالَ يَعْنِي كَمَدْلُولِ الْكَلِمَةِ بِمَعْنَى مَاصَدَقِهِا أَيْ الْأَفْرَادِ الَّتِي يَصْدُقُ لَفْظُ الْكَلِمَةِ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا اسْمًا كَانَ أَوْ فِعْلًا أَوْ حَرْفًا؛ لِأَنَّ إطْلَاقَ الْمَدْلُولِ عَلَى الْمَاصَدَقِ إطْلَاقٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ مَدْلُولٌ لُغَةً وَحَقِيقَةُ الْمَدْلُولِ الِاصْطِلَاحِيَّةِ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ خَاصَّةً، وَاللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى مَاصَدُقِهِ مِنْ جِهَةِ اشْتِمَالِهِ عَلَى الْمَفْهُومِ الَّذِي وُضِعَ لَهُ وَقَدْ قَالَ الشَّارِحُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَإِطْلَاقُ الْمَدْلُولِ عَلَى الْمَاصَدَقِ كَمَا هُنَا سَائِغٌ وَالْأَصْلُ إطْلَاقُهُ عَلَى الْمَفْهُومِ أَيْ مَا وُضِعَ لَهُ اللَّفْظُ.(سُئِلَ) عَنْ شَخْصٍ بَلَغَتْهُ دَعْوَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَآمَنَ بِاَللَّهِ بِقَلْبِهِ وَلَمْ يَتَلَفَّظْ بِالشَّهَادَتَيْنِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ إلَى أَنْ مَاتَ فَهَلْ هَذَا الْإِيمَانُ يَنْفَعُهُ وَيَكُونُ فِي الْجَنَّةِ أَوْ لَا، وَإِذَا قُلْتُمْ يَنْفَعُهُ فَمَا وَجَبَ عَنْ قَوْلِ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ حَيْثُ قَالَ وَاتَّفَقَ أَهْلُ السُّنَّةِ مِنْ الْمُحَدِّثِينَ وَالْفُقَهَاءِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ عَلَى أَنَّ الْمُؤْمِنَ الَّذِي يُحْكَمُ بِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ لَا يُخَلَّدُ فِي النَّارِ لَا يَكُونُ إلَّا مَنْ اعْتَقَدَ بِقَلْبِهِ دِينَ الْإِسْلَامِ اعْتِقَادًا جَازِمًا خَالِيًا مِنْ الشُّكُوكِ وَنَطَقَ بِالشَّهَادَتَيْنِ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَحَدِهِمَا لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ الْقِبْلَةِ أَصْلًا إلَّا إذَا عَجَزَ عَنْ النُّطْقِ لِخَلَلٍ فِي لِسَانِهِ أَوْ لِعَدَمِ التَّمَكُّنِ مِنْهُ لِمُعَالَجَةِ الْمَنِيَّةِ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّهُ مُؤْمِنٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ دُونَ الدُّنْيَا؛ لِأَنَّ الْإِيمَانَ فِي الشَّرْعِ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْمُتَمَكِّنِ مِنْهُ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ أَحْكَامِ الْإِيمَانِ عَلَيْهِ أَوْ جُزْءٌ مِنْهُ فَذَهَبَ جُمْهُورُ الْمُحَقِّقِينَ عَلَى الْأَوَّلِ وَقَدْ قَالَ السَّعْدُ التَّفْتَازَانِيُّ فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ أَمَّا إذَا جَعَلْنَا الْإِيمَانَ اسْمًا لِلتَّصْدِيقِ فَقَطْ، وَأَنَّ الْإِقْرَارَ شَرْطٌ لِإِجْرَاءِ الْأَحْكَامِ فِي الدُّنْيَا مِنْ الصَّلَاةِ عَلَيْهِ وَخَلَفِهِ وَالدَّفْنِ فِي مَقَابِرِ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُطَالَبَةِ بِالْعُشْرِ وَالزَّكَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَهُوَ مُؤْمِنٌ فِي أَحْكَامِ الْآخِرَةِ.ا هـ وَقَالَ غَيْرُهُ: مَنْ عَجَزَ عَنْ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لِخَرَسٍ أَوْ اخْتِرَامِ مَنِيَّةٍ قَبْلَ التَّمَكُّنِ صَحَّ إيمَانُهُ قَالَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ قَطْعًا وَقَالَ فِي الشِّفَاءِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَإِنْ عُرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامُ فَأَبَى مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ كَأَبِي طَالِبٍ لَمْ يَكُنْ مُؤْمِنًا بِالِاتِّفَاقِ وَكَذَلِكَ إنْ لَمْ يُعْرَضْ عَلَيْهِ عِنْدَ الْجُمْهُورِ وَقَالَ الْغَزَالِيُّ إنَّهُ يَكْفِيهِ وَقَالَ كَيْفَ يُعَذَّبُ مَنْ قَلْبُهُ مَمْلُوءٌ بِالْإِيمَانِ وَهُوَ الْمَقْصُودُ الْأَصْلِيُّ غَيْرَ أَنَّهُ لِخَفَائِهِ أُنِيطَ الْحُكْمُ بِالْإِقْرَارِ الظَّاهِرِ وَعَلَى هَذَا فَهُوَ مُؤْمِنٌ عِنْدَ اللَّهِ تَعَالَى غَيْرُ مُؤْمِنٍ فِي أَحْكَامِ الدُّنْيَا عَكْسُ الْمُنَافِقِ، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ إمَامِ الْحَرَمَيْنِ فِي الْإِرْشَادِ أَيْضًا.(سُئِلَ) عَنْ قَوْلِ الشَّيْخِ الْعَيْدَرُوسِ السَّيِّدِ الْعَارِفِ بِاَللَّهِ تَعَالَى عَبْدِ اللَّهِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ وَسَرَّهُ فِي كِتَابِهِ الْكِبْرِيتِ الْأَحْمَرِ أَجْمَعَ الْعَارِفُونَ عَلَى أَنَّ أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ مَعَ اللَّهِ الْأَنْفَاسُ أَعْنِي أَنْ يَكُونَ خُرُوجُهَا وَدُخُولُهَا بِذِكْرِ الْجَلَالَةِ وَلَوْ قَوْلَك اللَّهُ اللَّهُ أَوْ ذِكْرَ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَهُوَ الذِّكْرُ الْخَفِيُّ الَّذِي لَمْ تَتَحَرَّكْ بِهِ الشَّفَتَانِ أَعْنِي أَفْضَلَ الْعِبَادَاتِ حِفْظُ الْأَنْفَاسِ كَوْنُهَا الْأَنْفَاسَ الْهَوَائِيَّةَ الْجُسْمَانِيَّةَ يَكُونُ دُخُولُهَا وَخُرُوجُهَا عَلَى أَفْضَلِ الرِّضَا وَالذِّكْرِ؛ لِأَنَّهَا جَوَاهِرُ الْأَعْمَارِ الْمُثْمِرَاتُ لِلْأَسْرَارِ وَالْأَنْوَارِ وَهَذَا مَعْدُودٌ مِنْ الْمَقَامَاتِ.ا هـ كَلَامُهُ.فَهَلْ هَذَا النَّقْلُ عَنْ إجْمَاعِ الْعَارِفِينَ صَحِيحٌ أَوْ لَا فَإِنْ قُلْتُمْ نَعَمْ فَقَدْ صَرَّحَ النَّوَوِيُّ فِي أَذْكَارِهِ بِأَنَّ الْأَفْضَلَ الذِّكْرُ بِاللِّسَانِ وَالْقَلْبِ جَمِيعًا ثُمَّ مَا كَانَ بِالْقَلْبِ وَقَدْ ذَكَرَ مَا بِالْقَلْبِ غَيْرُهُ أَيْضًا؟ وَمَا الْفَرْقُ بَيْنَ الْكَلَامَيْنِ وَهَلْ الْمُرَادُ بِحِفْظِ الْأَنْفُسِ إعْمَالُ النَّفَسِ فِي الذِّكْرِ عِنْدَ خُرُوجِ النَّفَسِ وَدُخُولِهِ أَوْ مُجَرَّدُ ذِكْرِ الْقَلْبِ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيكِ النَّفَسِ بِذَلِكَ خُرُوجًا وَدُخُولًا بَيِّنُوا لَنَا بَيَانًا شَافِيًا آجَرَكُمْ اللَّهُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ النَّقْلَ عَنْ إجْمَاعِ الْعَارِفِينَ صَحِيحٌ وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ وَلَكِنْ هَذَا مَقَامُ الْكُمَّلِ، وَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ هُوَ مَقَامٌ دُونَ هَذَا الْمَقَامِ.(سُئِلَ) عَنْ إمَامٍ يَؤُمُّ بِأُجْرَةٍ وَيَتْرُكُ فِي قِرَاءَتِهِ الْمَمْدُودَ الَّذِي لَابُدَّ مِنْهُ كَالْمُتَّصِلِ وَالْمُثَقَّلِ وَنَحْوَهُمَا فَهَلْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ ذَلِكَ وَهَلْ ذَلِكَ يَضُرُّ فِي الصَّلَاةِ لِخَلَلٍ أَوْ بُطْلَانٍ وَهَلْ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ، وَأَصَرَّ عَلَيْهِ يَفْسُقُ بِهِ أَوْ لَا وَهَلْ يَسْتَحِقُّ أُجْرَةً أَمْ لَا وَهَلْ يَكُونُ غَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ.وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ، وَهَلْ إذَا عَلِمَ بِهِ الْإِمَامُ أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَنْهَاهُ عَمَّا ارْتَكَبَهُ يُعَزِّرُهُ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالَةِ الْقَامِعِ لَهُ وَلِأَمْثَالِهِ أَمْ لَا؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْمَدَّ مُتَوَاتِرٌ عِنْدَ الْقُرَّاءِ وَأَئِمَّةِ الْأُصُولِ سَوَاءٌ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ وَقَدْرُهُ، وَإِنْ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَبُو شَامَةَ إنَّ الْقَدْرَ الزَّائِدَ عَلَى أَصْلِهِ لَيْسَ بِمُتَوَاتِرٍ؛ لِأَنَّهُ لَا سَلَفَ لَهُمَا فِيهِ فَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ شَيْخُ الْقُرَّاءِ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْجَزَرِيِّ فِي أَوَّلِ النَّشْرِ لَا أَعْلَمُ أَنَّ أَحَدًا تَقَدَّمَ ابْنَ الْحَاجِبِ فِي ذَلِكَ وَقَدْ نَصَّ أَئِمَّةُ الْأُصُولِ عَلَى تَوَاتُرِ ذَلِكَ كُلِّهِ كَالْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ فِي كِتَابِهِ الِانْتِصَارِ وَغَيْرِهِ وَلِأَنَّ نَقَلَةَ مَرَاتِبِ الْمَدِّ هُمْ نَقَلَةُ أَصْلِ الْقُرْآنِ وَهُمْ عَدَدُ التَّوَاتُرِ فِي كُلِّ عَصْرٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ، وَأَبُو شَامَةَ مُعْتَرِفَانِ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذُكِرَ فَشُبْهَتُهُمَا سَاقِطَةٌ؛ لِأَنَّ ضَبْطَ كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ وَلَا تَكْلِيفَ بِمَا فَوْقَ الْوُسْعِ.وَالنَّقَلَةُ الَّذِينَ بَلَغُوا حَدَّ التَّوَاتُرِ إذَا قَالُوا الْمَدُّ الْفَرْعِيُّ قَدْرُ ثَلَاثِ أَلِفَاتٍ وَنُقِلَ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ عَصْرٌ بَعْدَ عَصْرٍ وَثَبَتَ ذَلِكَ عِنْدَنَا قَطْعًا صَارَ الْجَزْمُ بِأَنَّهُ قُرْآنٌ كَسَائِرِ كَلِمَاتِهِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا، وَأَمَّا أَنَّ الْقَارِئَ هَلْ يُمْكِنُهُ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ الْقَدْرِ مِنْ غَيْرِ نُقْصَانٍ وَزِيَادَةٍ فَذَلِكَ أَمْرٌ لَا يَتَعَلَّقُ بِنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي كَوْنِهِ مَعْلُومًا كَوْنُهُ مِنْ الْقُرْآنِ تَوَاتُرًا إلَّا فِي أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا هَلْ يَقْدِرَانِ عَلَى قِرَاءَتِهِ عَلَى مَا نَزَلَ بِهِ جِبْرِيلُ أَوْ لَا وَهَذَا مِمَّا لَا رَيْبَ فِيهِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ فِي الْفَاتِحَةِ لَا تَبْطُلُ الصَّلَاةُ وَكَذَا فِي الْفَاتِحَةِ، وَإِنْ حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِتَحْرِيمِهِ وَلَا يَفْسُقُ بِهِ عِنْدَ إصْرَارِهِ عَلَيْهِ إذَا غَلَبَتْ طَاعَاتُهُ مَعَاصِيَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ، وَغَيْرُهُ أَوْلَى بِالْإِمَامَةِ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ فَقِيهٍ، وَإِذَا رُفِعَ أَمْرُهُ إلَى الْإِمَامِ- أَيَّدَ اللَّهُ بِهِ الدِّينَ- نَهَاهُ عَنْ فِعْلِهِ الْمَذْكُورِ فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ عَنْهُ عَزَّرَهُ التَّعْزِيرَ اللَّائِقَ بِحَالِهِ.(سُئِلَ) هَلْ الصَّحِيحُ أَنَّ الْإِسْلَامَ وَالْإِيمَانَ مُتَغَايِرَانِ حَتَّى يَكُونَ كُلُّ مُؤْمِنٍ مُسْلِمًا وَلَا عَكْسَ أَمْ لَا بَيِّنُوا لَنَا مَعْنَى الْآيَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} وَكَذَا الْآيَةُ فِي الذَّارِيَاتِ: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}؟(فَأَجَابَ) بِأَنَّ الْإِسْلَامَ إعْمَالُ الْجَوَارِحِ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَلِذَلِكَ فَسَّرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا «سَأَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ الْإِسْلَامِ فَقَالَ أَنْ تَشْهَدَ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ وَتَصُومَ رَمَضَانَ وَتَحُجَّ الْبَيْتَ إنْ اسْتَطَعْتَ إلَيْهِ سَبِيلًا» وَلَكِنْ لَا يُعْتَبَرُ وَيَقَعُ مُعْتَدًّا بِهِ إلَّا مَعَ الْإِيمَانِ وَهُوَ التَّصْدِيقُ الْآتِي، وَأَمَّا الْإِيمَانُ فَهُوَ تَصْدِيقُ الْقَلْبِ بِمَا عَلِمَ ضَرُورَةَ مَجِيءِ الرَّسُولِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ بِهِ وَلَا يُعْتَبَرُ إلَّا مَعَ التَّلَفُّظِ بِالشَّهَادَتَيْنِ مِنْ الْقَادِرِ، وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ لَا يُوجَدُ مُؤْمِنٌ لَا يَكُونُ مُسْلِمًا، وَلَا مُسْلِمٌ لَا يَكُونُ مُؤْمِنًا وَهَذَا مُرَادُ الْجُمْهُورِ بِقَوْلِهِمْ إنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ لَا الِاتِّحَادُ فِي مَفْهُومِ الِاسْمَيْنِ كَمَا هُوَ شَأْنُ التَّرَادُفِ لُغَةً وَعَلَى هَذَا الْمَعْنَى قَوْله تَعَالَى: {فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنْ الْمُؤْمِنِينَ فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ}؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي صِدْقَ الْمُؤْمِنِ عَلَى الْمُسْلِمِ لِاتِّحَادِ مَفْهُومِهِمَا، وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى: {قَالَتْ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} فَوَارِدٌ فِي قَوْمٍ مُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ الْإِسْلَامَ وَيُخْفُونَ الْكُفْرَ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى أَعْلَمُ.
.خَاتِمَة الْكِتَاب: هَذَا آخِرُ مَا عَلَّقَ مِنْ فَتَاوَى شَيْخِ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ وَارِثِ عُلُومِ الْأَنْبِيَاءِ الْمُكَرَّمِينَ الْإِمَامِ الشَّهِيرِ الْعَلَّامَةِ الرَّمْلِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ، وَأَرْضَاهُ وَجَعَلَ الْجَنَّةَ مُتَقَلَّبَهُ وَمَثْوَاهُ آمِينَ.
|